الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الــقلـم الــحـر: في الجم، وبعد جربة، العصابات تدوس هيبة الدولة، وأحزابنا الحاكمة تدوس مدنية الدولة

نشر في  29 مارس 2017  (13:55)

بقلم الأستاذ عفيف البوني

 قال مرة جاسم الحمد وزير خارجية قطر السابق عن مبالغة اﻹيرانيين والقطريين في اﻹشادة بالعلاقات الحسنة بين البلدين: نحن نكذب عليهم وهم يكذبون علينا، ونحن اﻵن في تونس نعرف جميعا من كذب ويكذب وعلى من، وأنا واحد ممن لم يكذب على من يقرؤنا حتى وإن أخطأنا حين صدقنا أحيانا من كذبوا علينا وخدعونا. وما حدث في مدينة الجم أخيرا فضح الكاذبين وهم بعض من قطاع طرق تحدوا هيبة الدولة والقانون وقطعوا الطريق باسم الغيرة على الدين على بيع الخمر جهارا وقانونا لمستهلكيه فحالوا دون دفع الضرائب للدولة، (وصمت شورو ولم يطالب بقطع أطرافهم من خلاف، ﻷنهم في نظره ونظر حزبه، منعوا بيع الخمر وذلك ثواب في اﻻسلام يجب جريمة قطع الطريق، وهكذا يقع تسهيل بيع الخمر خلسة وتتضاعف أعداد البائعين والمستهلكين، وﻻ يهم إن تناقصت أعداد السائحين أو توقفت السياحة مادام في ظن حراس الله أنهم انتصروا وهزموا الدولة وداسوا على هيبتها، حين تحدوا اﻷمن والنظام العام والقانون واﻹدارة والحريات الشخصية للمواطنين والسائحين.

القضاة يتفرجون على انتهاك القانون وعلى تحدي وإبطال قرارات اﻹدارة وأحكام المحكمة اﻹدارية من قبل عصابات، ووكيل الجمهورية ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يشاهدون مع التونسيين ما جرى ومع ذلك يزعمون أنهم يحرصون على إنفاذ الدستور والقانون، ومحامونا الشطار ﻻ يقاضون المسؤولين عن جريمة عدم إنفاذ القانون، وﻻ يقاضون العصابة التي قطعت الطريق، ولعل الجميع منشغلون هذه اﻷيام بالبحث عمن انتهكت حقوقهم قبل ستين عاما للإجهازعلى مكاسب الحداثة والتمدن. باعتماد سياسة الخطوة خطوة حتى تخلو تونس من بيع وشرب الخمر: جربة ثم الجم ثم.. فذلك أسهل من تشغيل 800 ألف عاطل عن العمل ومن شأنه أن  يزيد في عدد المتحزبين ﻷحزاب أنجزت منع بيع الخمر وقد عجزت عن تشغيل 800 ألف عاطل عن العمل وهي تستعد للانتخابات البلدية القريبة. نعم تخلى الحزبان الكبيران الحاكمان عن  الفكر الليبرالي وعن الفصل بين الديني والسياسي (أو بين السياسي والدعوي )وها هما يتحالفان ضد هيبة الدولة وضد القانون وضد أحكام المحكمة اﻹدارية وضد ما ضمنه دستور 2014 من الحقوق والحريات للأفراد، وهاهما يدوسان مدنية الدولة، وإن  كان كل منهما يشهر مدنية وديمقراطية وليبرالية مزيفة ـ حيث نفذا معا ما لم يرد في وعود 360 نقطة أو هدفا لكل من حزب النداء وحزب النهضة.

هل نلوم قطاع الطريق؟ ولمن نشتكي بمن يحكمنا ممن انتخبناهم ليحموا الدستور ولينفذوا القانون، فإذا بهم ، ينتهكون الدستور والقانون؟!
ما  حدث في الجم وكذلك موقف الحزبين الحاكمين من ذلك يبشر بإبداع شعري ودرامي وروائي كبير في تونس، ومبدعونا ﻻ يحتاجون الى التخيل. يكفيهم تدوين ما يحدث وأبطاله مواطنون ومسؤولون خارجون عن القانون.